g

glob

lundi 8 janvier 2018

واحر قلباه ممن قلبه شبم للمتنبي

كان في ذاك الوقت ابو الطيب المتنبي تحت سيف الدولة الحمداني
وكان صديقه وحبيبه وفي نفس الوقت كان المتنبي شاعر سيف الدوله الحمداني المقرب
ولكن دخل الوسواس الكريه. وهو قريب سيف الدولة الحمداني ويقال انه ابن عمه وهو شاعر معروف وهو " ابو فراس الحمداني وكان يحاول ان يقلل من شأن ابو الطيب عند سيف الدوله الحمداني
وكان كلما انشد ابو الطيب يتدخل ابو فراس ويقول له انت لا تحترم الشعر ولا تحترم الامير وابياتك مسروقه من الشاعر الفلاني والعلاني


ومن المعروف ان ابو الطيب هو اول شاعر لا يقول شعره واقفا بل يقوله وهو جالسا على كرسيه فخرا بنفسه واعتزازا ولا يقف امام امير او حاكم بل يجلس ويتكلم عكس الجميع لفخره الشديد بنفسه وبتربيته (( حيث ان ذاك الزمان اختلط العجم بالعرب وابو الطيب عاش وتربى في الصحراء عند خالته يعني بدوي الشكيمه مره ))

ذات يوم طلب سيف الدوله ان يكتب المتنبي فيه قصيده يمدحه فيها


فكتب قصيدته ابو الطيب وانشد يقول (( من الورقه )) :

وبدأ ينشد :

واحَـرَّ قَـلباهُ مِـمَّن قَـلبُهُ شَـبِمُ*** وَمَـن بِـجِسمي وَحـالي عِندَهُ سَقَمُ

مـالي أُكَـتِّمُ حُـبّاً قَد بَرى جَسَدي *** وَتَـدَّعي حُـبَّ سَـيفِ الدَولَةِ الأُمَمُ

إِن كــانَ يَـجمَعُنا حُـبٌّ لِـغُرَّتِهِ *** فَـلَيتَ أَنّـا بِـقَدرِ الـحُبِّ نَقتَسِمُ 

قَـد زُرتُـهُ وَسُـيوفُ الهِندِ مُغمَدَتٌ *** وَقَـد نَـظَرتُ إِلَـيهِ وَالـسُيوفُ دَمُ

فَـكانَ أَحـسَنَ خَـلقِ الـلَهِ كُلِّهِمِ*** وَكـانَ أَحـسَنَ مافي الأَحسَنِ الشِيَمُ

فَـوتُ الـعَدُوِّ الَّـذي يَـمَّمتَهُ ظَفَرٌ*** فـي طَـيِّهِ أَسَـفٌ فـي طَـيِّهِ نِـعَم

قَد نابَ عَنكَ شَديدُ الخَوفِ وَاِصطَنَعَت *** لَـكَ الـمَهابَةُ مـالا تَـصنَعُ الـبُهَمُ

أَلـزَمتَ نَـفسَكَ شَـيئاً لَيسَ يَلزَمُها *** أَن لا يُـوارِيَـهُم أَرضٌ وَلا عَـلَـمُ

أَكُـلَّما رُمـتَ جَـيشاً فَـاِنثَنى هَرَباً*** تَـصَرَّفَت بِـكَ فـي آثـارِهِ الـهِمَمُ

عَـلَيكَ هَـزمُهُمُ فـي كُـلِّ مُعتَرَكٍ*** وَمـا عَـلَيكَ بِـهِم عارٌ 

قَـد زُرتُـهُ وَسُـيوفُ الهِندِ مُغمَدَتٌ *** وَقَـد نَـظَرتُ إِلَـيهِ وَالـسُيوفُ دَمُإِذا اِنهَزَموا

أَمـا تَـرى ظَـفَراً حُلواً سِوى ظَفَرٍ*** تَـصافَحَت فـيهِ بـيضُ الهِندِ وَاللِمَمُ

وكان ابو فراس موجود وكان كلما قال المتنبي بيتا قال هذا بيت قديم قد قاله شاعر قبلك
والمتنبي ما يرد عليه ويكمل قصيده ولكن غضبه يزداد شيئا فشيئا

الى ان وصل الى البيت الذي يقول

يا أعدَلَ النّـاسِ إلاّ فِـي مُعامَلَتـي***فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَـمُ


أُعِيذُهـا نَظَـراتٍ مِنْـكَ صادِقَـةً***أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمـهُ وَرَمُ

وَمَا انْتِفَـاعُ أخـي الدّنْيَـا بِنَاظِـرِهِ***إذا اسْتَوَتْ عِنْـدَهُ الأنْـوارُ وَالظُّلَـمُ



فقال ابو فراس هذا بيت قاله شعر قبله ويتكلم ابو فراس بصوت عالي حتى يسمع سيف الدوله


فغضب ابو الطيب غضبا شديدا ووقف ورمى الورقه وانشد ارتجالا (( من عقله ))

واكمل قصيدته من عقله بدون ورقه واقفا وهي اول مره يقول فيها شعره وهو واقفا

وبدأ يقول 


سَيعْلَمُ الجَمعُ مـمّنْ ضَـمّ مَجلِسُنـا***بأنّني خَيـرُ مَنْ تَسْعَـى بـهِ قَـدَمُ

أنَا الذي نَظَـرَ الأعْمَـى إلى أدَبـي***وَأسْمَعَتْ كَلِماتـي مَنْ بـهِ صَمَـمُ

أنَامُ مِلْءَ جُفُونـي عَـنْ شَوَارِدِهَـا***وَيَسْهَـرُ الخَلْـقُ جَرّاهَـا وَيخْتَصِـمُ

وَجاهِلٍ مَـدّهُ فِي جَهْلِـهِ ضَحِكـي***حَتَّـى أتَتْـه يَـدٌ فَـرّاسَـةٌ وَفَـمُ

إذا رَأيْـتَ نُيُـوبَ اللّيْـثِ بـارِزَةً***فَـلا تَظُـنّـنّ أنّ اللّيْـثَ يَبْتَسِـمُ

وَمُهْجَةٍ مُهْجَتـي من هَمّ صَاحِبـها***أدرَكْتُـهَا بجَـوَادٍ ظَـهْـرُه حَـرَمُ

رِجلاهُ فِي الرّكضِ رِجلٌ وَاليدانِ يَـدٌ***وَفِعْلُـهُ مَا تُريـدُ الكَـفُّ وَالقَـدَمُ

وَمُرْهَفٍ سرْتُ بينَ الجَحْفَلَيـنِ بـهِ***حتَّى ضرَبْتُ وَمَوْجُ المَـوْتِ يَلْتَطِـمُ

ألخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي***وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ

صَحِبْتُ فِي الفَلَواتِ الوَحشَ منفَـرِداً***حتى تَعَجّبَ منـي القُـورُ وَالأكَـمُ

فذهل ابو فراس الحمداني وفغر فاه ولم يعرف ماذا يقول ولكن كان سيف الدوله في تلك اللحظه مكوي بالنار حيث ان القصيده كانت يجب ان تكون في مدحه امام وزراه الدوله وليست لمدح ابو الطيب لنفسه امام الملك فغضب سيف الدوله وامسك بالمحبره ورماها في رأس ابو الطيب فاصابه بها في جبينه فاصبح وجهه يدمي ولكنه لم يسكت

بل اكمل قصيدته ارتجالا والجميع فاغر فاه وهو يقول  


يَا مَـنْ يَعِـزّ عَلَيْنَـا أنْ نُفَارِقَهُـمْ***وَجدانُنا كُلَّ شـيءٍ بَعدَكـمْ عَـدَمُ

مَا كـانَ أخلَقَنَـا مِنكُـمْ بتَكرِمَـةٍ***لَـوْ أنّ أمْرَكُـمُ مِـن أمرِنَـا أمَـمُ

إنْ كـانَ سَرّكُـمُ ما قالَ حاسِدُنَـا***فَمَـا لجُـرْحٍ إذا أرْضـاكُـمُ ألَـمُ

وَبَيْنَنَـا لَـوْ رَعَيْتُـمْ ذاكَ مَعـرِفَـةٌ***إنّ المَعارِفَ فِي أهْـلِ النُّهَـى ذِمَـمُ

ووجه نظرته الى ابو فراس الذي اصبح يلمم اثوابه ولا يعرف اين ينظر وقال فيه :

كم تَطْلُبُونَ لَنَـا عَيْبـاً فيُعجِزُكـمْ***وَيَكْـرَهُ الله مـا تَأتُـونَ وَالكَـرَمُ

ما أبعدَ العَيبَ والنّقصانَ منْ شَرَفِـي***أنَـا الثّرَيّـا وَذانِ الشّيـبُ وَالهَـرَمُ

لَيْتَ الغَمَامَ الذي عنـدي صَواعِقُـهُ***يُزيلُهُـنّ إلـى مَـنْ عِنْـدَهُ الدِّيَـمُ

أرَى النّـوَى يَقتَضينـي كلَّ مَرْحَلَـةٍ***لا تَسْتَقِـلّ بِهَـا الوَخّـادَةُ الرُّسُـمُ

واعاد بنظرته الى الحاضرين جميعهم وبدأ يقول الحكم البليغه التي لن ينطق بها شاعر بعده وما نطق بها شاعر قبله 
لَئِـنْ تَرَكْـنَ ضُمَيـراً عَنْ مَيامِنِنـا***لَيَحْـدُثَـنّ لـمَنْ وَدّعْتُهُـمْ نَـدَمُ

إذا تَرَحّلْـتَ عن قَـوْمٍ وَقَد قَـدَرُوا***أنْ لا تُفـارِقَهُـمْ فالرّاحِلـونَ هُـمُ

شَرُّ البِـلادِ مَكـانٌ لا صَديـقَ بِـهِ***وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسـانُ ما يَصِـمُ

وَشَـرُّ ما قَنّصَتْـهُ رَاحَتـي قَنَـصٌ***شُهْبُ البُـزاةِ سَـواءٌ فيهِ والرَّخَـمُ


والقى نظره على ابو فراس وعلى سيف الدوله وقال  

بأيّ لَفْـظٍ تَقُـولُ الشّعْـرَ زِعْنِفَـةٌ***تَجُوزُ عِنـدَكَ لا عُـرْبٌ وَلا عَجَـمُ


ثم توجه المتنبي بنظره الى سيف الدوله وقال  

هَـذا عِتـابُـكَ إلاّ أنّـهُ مِـقَـةٌ***قـد ضُمّـنَ الـدُّرَّ إلاّ أنّـهُ كَلِـمُ

 

0 commentaires: